يوم العشرين من شهر صفر من كل عام تزحف الجموع البشرية من أطياف مختلفة من الديانات والقوميات ، أمواج بشرية يدفعها العشق إلى مرقد الحسين (ع) والذي تصاعدت منه التحولات العالمية ، لينبعث من عظام مهشمة تحت حوافرالخيل تاريخ طويل تتسابق الأمم لكتابته ، لتحصل على نورالبصيرة وأسباب القوة والتفوق.
هذا المشهد قد يكون قاتما في أول وهلة ، ولكن المدرك للتاريخ سيعلم أن فجرالنهضة العالمية قد بدأ من أرض كربلاء والذي كتب فصوله الحسين (ع) ليعطي للإسلام الروح والصحوة من جديد ، وسقطت بذلك الصور المزيفة التي حاول المتلاعبون بعقول الناس عبرالتاريخ إلصاقها بالإسلام.
فهمت الشعوب رسالة الحسين (ع) فانطلقت تجد السيرلتصل إلى هذا القائد العظيم ، متحدية أي نوع من أنواع الصعاب والعقبات التي تحول دون تحقيق مراسيم الزيارة ، حيث العالم ما زال يعيش أزمة إنتشار فيروس كورونا الذي حال دون وصول الكثيرين إلى كربلاء الحسين (ع).
إلا أن ذلك لم يمنع الجماهير من التواصل معه من أماكنهم وهم يلوحون بأيديهم في تناسق جميل ، هذا من بيته وذاك من شارع في مدينته وذاك من على سطح منزله.
وهم يذرفون عبرتهم على هذا القائد العظيم الذي عرف موقعه من النصر وحدد المسارالحقيقي للترابط والاعتصام بحبل الله تعالى وعدم التنازع فيما بينهم ، ولكي تتجنب البشرية هذا الصراع عليها أن تنادي إلى كلمة سواء التي يقبل بها الناس.
هذا هو المنهج الرباني الذي نادى به عيسى المسيح وموسى الكليم والحبيب محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، هذه الكلمات استقرأها الحسين بن علي (ع) ، وحكم بها قلوب العالمين ، فأصبح اليوم تهفو إليه قلوب الأحرار من جميع أقطار العالم تخفق مستلهمة منه معاني العزة والكرامة والعدالة والإنسانية.
(أبد تباركها الوفود يحثها من كل حدب شوقها المتوقد ، وتلك حكمة خالق تتجلى على قلب الحكيم فيرشد).
فلا تستغرب إذا قرأت مقولة (مهاتما غاندي) المفكر الهندوسي (على الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين) أو مقولة (إنطوان بارا) الصحفي المسيحي (لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية ، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين).
أومقولة (محمد زغلول باشا) الزعيم المصري وقائد ثورة 1919م في مصر قال : (لقد أدى الحسين بعمله هذا واجبه الديني والسياسي) ، أو مقولة (الإمام الخميني) الزعيم الإيراني وقائد الثورة الإسلامية في إيران (كل ما لدينا من عاشوراء).
فلا غاندي الهندوسي اعتنق الإسلام ، ولا إنطوان بارا المسيحي ، ولا محمد زغلول المسلم السني تحول إلى مسلم شيعي ، ولا الإمام الخميني المسلم الشيعي تحول إلى مسلم سني ،
لأن الإختلاف في بعض مقتضيات الشريعة والمذهب شيء ، والدفاع عن ثوابت الفكرالإصلاحي شيء آخر، وهو ما فهمه هؤلاء وغيرهم من النهضة الحسينية.
إن هذا التدافع الجماهيري نحو الحسين بن علي (ع) والطريقة التي يعبر بها هؤلاء عن مشاعرهم وألآمهم اتجاه هذا القائد العظيم كل حسب طريقته شاهد حق أن الأحقاد الطائفية تحطمت تحت أقدامهم.
وأن خيال التفرقة الذي نسجه الشيطان حوله بمسميات متعددة ليسود الناس إنهارعلى أعتاب منعطف تاريخي عنوانه (أبد والله ماننسى حسينا).
هذا كلُ شيء وليس كلَ شيء ، لأن الحسين هوالحسين (ع).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .